6 mars 2011

في حضور صاحبة الجلالة

العنوان يبدو غريبا ولكنه استوقفني كما سيستوقفكم.




كنت اقرا عرضا جريدة الشروق الصادرة اليوم عرضا فقد فقدت منذ زمن بعيد عادة تصفح الصحف التونسية وإحقاقا للحق وإن بان الشكل مختلفا فإن القراءة الداخلية لم تكن مختلفة كثيرا.
وما إستوقفني مقال للزميل محسن عبد الرحمان بعنوان "بلا نوايا" والذي يتحدث فيه عن وداع القناة تونس 7 ويرحب فيه بالقناة الوطنية, وفي واقع الأمر ليس العنوان ما استوقفني بل محتواه فقد قدّم التقارير الصادرة عن سيقما والتي تجعل من القناة الوطنية في مرتية الصدارة , وهنا تعود بي الذاكرة ليس الى زمن بعيد بل الى الرمضانيات حيث احتجت قناة نسمة على ترتيبها لدى هذه الشركة والذي هو من سخف القدر نفسه الذي جاء ضمن هذه الاحصائيات التي وان ادرجت القناة الفرنسية 24 الى حساباتها الا انها حافظت على باقي الترتيبات . ويختم محسن كلامه بالقول انه ان دلّ ذلك على شئ فانه يدل على قرب هذه القناة بعد التحرر من المواطن التونسي رغم غياب مسلسلات كاكتوس.
ربما اطلت المقدمة ولكنني اردت أن أضع موضوعي في اطاره حتى لا يكون منبتا كوضع قنواتنا الاعلامية والسمعية البصرية وفاقدا للانتماء كصاحبة الجلالة لدينا التي لم تفقد التاج فحسب بل سحب من تحت قديميها البساط.
فكيف يمكن القول بان القناة الوطنية او البنفسجية او ايا كانت تسميتها قريبة من الواقع التونسي وكيف يمكن ان يكون ترتيبها الاول بفارق الضعف تقريبا لاقرب قناة بعدها وهي حنبعل .
ثمّ كيف يمكن ان تشد القناة الوطنية الانتباه أكثر من القنوات الفرنسية والعربية كالجزيرة وغيرها وحتى كما يقول المقال قناة مبس4 الانجليزية وهل يجوز في هذا التوقيت أصلا ان ندرج قناة مختصة في بث المسلسلات المدبلجة في حساب المتابعة و الانتباه.
رجاء نحن لا نعيش على المريخ او فوق زحل نحن نعيش هنا في تونس البلد الذي كان منذ ايام فقط يعيش شدّا اجتماعيا واضح المعالم تونس التي تستقبل حدودها آلاف اللاجئين من المجاورة ليبيا , هؤلاء اللاجئين الذين لم يذكروا في الاعلام إلا بعد حروب كبرى على الانترنت والمواقع الاجتماعية والعديد من القنوات التلفزية الاخرى وهذه الحدود التي استمع الناس بخبرها عبر هذه القناة إثر التصريح الثالث لمنظهة الامم المتحدة للاجئين.
أين هي الصحافة والتلفزيون الذي استقطب الانتباه وهو حتى لم يهتم بنقل الصورة مجردة  في نقله لاحداث الشغب التي تقع في تونس, واين هو هذا التلفزيون الذي يذكر الاحداث في ليبيا وكأنه يتكلّم عن حرب العراق الثانية ينقلها عرضا في نشرة الثامنة ضمن جولة عالمية.
 كيف يمكن لهذه القناة بأن تفوق مشاهدتها قناة نسمة التي وإن كنت  لا احترم الحس الصحفي فيها  ولا حتى أحترم طريقة نقلها للاحداث التي تطوعها حسب مصالحها الا انها تنقل أخبارا عن تونس باكثر شجاعة.
كيف لهذه الفترة الزمنية التي يهتز فيها الجسد العربي انتفاضة الحرية  مازلنا لم نرى حرية  تصل الى شباك هذا التلفزيون , و كيف يمكن أن نجري في هذه الفترة السياسية الحساسة مقارنة  بين نسبة متتبعي الفناة الوطنية و أولئك الذين يتابعون قناة للمسلسلات المدبلجة,  وكيف يسمح الصحفي لنفسه أساسا ان ينقل ارقاما ويعلّق عليها مبررا ما لا مبرر له.
هل يعقل بان تكون التلفزة التونسية التي كان شعبها أوّل الشعوب المنتفضة الثائرة المتحررة لاتقدّم حتى ريميكسا للصور وللاغاني حول هذه الانتفاضة كيف يمكن لتلفزة وطنية ينتفض حدود بلدها الذي تنسب وطنيتها اليه  يمنة وشمالا تحت صوت القنابل وهي تبث البرامج الوثائقية ان تحتلّ المرتبة الاولى.

هل يعقل بان القناة التي تغيب المجازر التي تحصل عند حدودها والتلفزة التي لا تهتم بنقل واقع مجتمعها من عمق أحداثه و تلفزة تحتشم إن لم نقل تغيّب ما يحصل  من ثورات في باقي انحاء العالم العربي , هذا العالم وهذه الشعوب التي تذكر شعبها في كلّ حوار تلفزيوني وفي كلّ لقاء شعبي  يتكلّم فيه عن الثورة ممجدة أياه شاهدة له ببادرته شاكرة له شجاعته مرشحة له لجائزة نوبل للسلام لسلميته في الاعتصامات والمطالبات  ان تكون قريبة لهذا الشعب.

ثمّ ما الذي يمنع الاقلام التي كانت تتحجج بالديكتاتورية والتعنيف والقمع اثناء  نقلها  باحتراز لاحداث حرب العراق الثانية او حتى كلامها على تدخّل الافريكوم في تونس لسنة 2007 عندما استفحلت اعمال عنف الاسلامين في الجزائر أو ما شهدته البلاد قبل 14 من جانفي من أحداث شنيعة  ولماذا لم تنطلق هذه الاقلام بعد ذلك لتقوم بروبرتاجات عن واقع الحياة عن البعد الآخر لولادة هذا المجتمع و هذا الجيل الجديد واكتفت بان تقوم  بنسخ الكلام ونقل صور عن الواقع الاجتماعي السخيف وكأننا ثورة جوع وثورة بطالة والعكس أن هذا الشعب يثبت كلّ يوم بأنه لا يفكّر في الاكل بقدر الكرامة والدليل ما قام به على الحدود
 ما الذي يمنع هذه القناة بان تكون الاولى في نقل الخبر لماذا على الآخرين دوما ان يفخروا بشعبها فتحذوا حذوهم عوض ان تكون هي عاكسة لصورته الجميلة مالذي يمنعها  الآن من اعادة شحن طاقاتها واسترجاع مكانة وعرش سيدتها.
هل  أن الثورة التي نتحدّث عنها  لم تطل نفوس هؤلاء الاشخاص ام ان القمع اصبح قمعا ذاتيا بعيدا عن اجواء السياسية أم هل أن التعود على السفاسف والاكتفاء بالتناول السطحي للامور اصاب الصحافة بنوع من التجمد والتبلّد.

و إن كان هذا هو الوضع كيف يمكن لصحفي أن ينقل خبرا عن شركة يبدو أنها لا تقوم باستفتاءات في الشارع بل باستفتاءات ذاتية تحددها مصالح شخصية أو مالية كيف يمكن لصحفي يعتبر نفسه أحد جنود صاحبة الجلالة أن يضع قلمه في هذا الموقف المحرج .
أعتبر أن ماجاء في هذه الاحصائيات لا يمت الى الواقع بشئ لانني لا احب الاقتناع بصدقها تعسفا مني على الشارع التونسي الذي ان ثار على الديكتاتورية فهو ليس من الغباء بان لا يعي سخف ما يبث على القناة الوطنية او حساسية الفترة القادمة.
ودائما في حضور صاحبة الجلالة فانني اطلعت اليوم على كلّ الصحف الصادرة تقريبا والتي كان الحديث فيها على موقف القذافي او عن المستجدات على الساحتين المصرية والعربية او حتى تناولها للوضع في الحدود التونسية والتوتر في الشقيقة الجزائر متشابها ويكاد يكون اعادة نصية باقلام مختلفة ولم يحضى موضوع التدخل العسكري المحتمل في ليبيا او حتى زيارة سيف الاسلام لاسرائيل او حتى الاحداث الافريقية باكثر من بعض سطيرات يتفاوت عددها حسب القدرة الأدبية لصحفي عن آخر فمتى سيرفع القناع عن وجه صاحبة الجلالة وتعود من جديد لتتمركز على عرشها أم أن الحكم تغير وفقدت السلطات الملكية لتحتفظ فقط بالسلطة الرابعة التي فوضتها الى الآن وبامتياز في تعنيف ذاكرة شعبها وقمعه وتبليده الذهني وكانت دائما السلطة التي تسلّط عليه لا تلك التي يسلطها ضد الطاغوت كما هو دورها في الحقيقة.
لا يتحرر امرإ  ان كانت يداه وعيناه طليقان في السماء ورجلاه مغلولتان ولسانه مصهود بالاسلاك
كيف نتحرر وعقولنا مكبلة وكيف ننطلق وقلوبنا متخوفة وكيف نغيّر ونحن أساسا لم نتغيرّ


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire